سامح المغازي يكتب: عندما كان للشرقية نائب يُهابه الوزراء: حكاية طلعت رسلان واشتباكه مع زكي بدر تحت قبة البرلمان

في جلسة عاصفة شهدها مجلس الشعب المصري يوم 20 فبراير 1989، تحولت مناقشة استجوابات مقدمة من أربعة نواب ضد وزير الداخلية آنذاك، اللواء زكي بدر، إلى مشهد غير مسبوق من الاشتباكات بالأيدي وتبادل الشتائم تحت قبة البرلمان، كان أبرز أبطالها النائب طلعت رسلان عن حزب الوفد.

جرت الواقعة في ظل برلمان ترأسه الدكتور رفعت المحجوب، عقب انتخابات عام 1987 التي جرت بنظام القوائم النسبية للأحزاب والمقاعد الفردية للمستقلين. حصل الحزب الوطني الديمقراطي على الأغلبية، بينما حصد حزب الوفد 25 مقعدًا، وكان "التحالف الإسلامي" – الذي ضم حزبي العمل والأحرار مع جماعة الإخوان المسلمين – قد حصل على 57 مقعدًا، وهو ثاني تمثيل برلماني للجماعة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد تحالفهم مع الوفد في انتخابات 1984.

اللواء زكي بدر، الذي تولى حقيبة الداخلية في مارس 1986 خلفًا للواء أحمد رشدي بعد احتجاجات الأمن المركزي، كان معروفًا بأسلوبه الحاد في مواجهة خصومه السياسيين. لم يتورع عن استخدام ألفاظ مسيئة في وصفه للمعارضة، متهمًا إياها بالفساد والانحراف، بل طالت شتائمه رموزًا فكرية وإعلامية بارزة مثل أحمد بهاء الدين ويوسف إدريس.

تصاعدت حدة المناقشات خلال الجلسة عندما همّ الوزير بعرض تسجيلات هاتفية لبعض المعارضين، ما أثار غضب النائب طلعت رسلان، الذي توجه إلى بدر وانفعل قائلاً: "كفاية كده.. اخرس!"، قبل أن يمسك بكتف الوزير ويجذبه بعنف. ردّ الوزير بصفعة على وجه رسلان، ثم خلع حذاءه محاولًا ضربه به، وسط ذهول الحضور، في مشهد نقلته شاشات التلفزيون المصري على الهواء مباشرة، ليكون سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البرلمان المصري.

رئيس المجلس، الدكتور رفعت المحجوب، أعلن أن 57 نائبًا وقعوا على طلب لقفل باب المناقشة وتجديد الثقة في السياسة الأمنية للوزير، قبل أن ترفع الجلسة وتُستأنف بعد أسبوعين، صدر خلالها قرار بإسقاط عضوية النائب طلعت رسلان.

وقد ظل رسلان، المولود عام 1929، رمزًا للمعارضة البرلمانية الصلبة، خاصة في الدفاع عن مصالح محافظة الشرقية، حتى وافته المنية في 29 يونيو 1998